يشهد موسم الرياض إقبالًا ضخمًا من الزوار من مختلف الأعمار والثقافات، ما يجعل من الضروري ضمان بيئة آمنة وممتعة للجميع. وفي هذا الإطار، تشدد المملكة العربية السعودية على تطبيق نظام مكافحة التحرش لضمان احترام الكرامة الإنسانية، وردع أي سلوك يمس خصوصية الآخرين أو يعكر صفو الفعاليات العامة.


أولًا: الإطار النظامي لمكافحة التحرش في السعودية

صدر نظام مكافحة التحرش بموجب المرسوم الملكي رقم (م/96) وتاريخ 16/9/1439هـ (2018م)، بهدف حماية كل فرد من أي سلوك ينطوي على إيحاءات أو أفعال ذات طبيعة جنسية، سواء تم ذلك بالقول أو الفعل أو الإشارة، بأي وسيلة من وسائل التقنية الحديثة أو في الأماكن العامة.

ينص المادة الأولى من النظام على أن التحرش:

“كل قول أو فعل أو إشارة ذات مدلول جنسي تصدر من شخص تجاه آخر تمس جسده أو عرضه أو تخدش حياءه، بأي وسيلة كانت.”

ويهدف النظام إلى صون كرامة الإنسان، وحماية خصوصيته، وتعزيز مبادئ الأخلاق العامة في المجتمع.


ثانيًا: العقوبات النظامية للمتحرشين

تفرض المملكة عقوبات صارمة على من يرتكب جريمة التحرش، وتتنوع العقوبات بحسب جسامة الفعل والظروف المصاحبة له، وتشمل:

  • السجن لمدة تصل إلى سنتين، وغرامة مالية تصل إلى 100,000 ريال سعودي، أو بإحدى هاتين العقوبتين.

  • وفي حال تكرار الجريمة أو ارتكابها ضد طفل أو شخص من ذوي الاحتياجات الخاصة، أو في مكان عمل أو دراسة أو فعالية عامة، تُغلّظ العقوبة لتصل إلى السجن خمس سنوات وغرامة 300,000 ريال.

كما يحق للجهات المختصة نشر الحكم الصادر بحق المتحرش في وسائل الإعلام على نفقة الجاني، وهو إجراء ردعي يهدف لحماية المجتمع وزيادة الوعي بخطورة هذه الأفعال.


ثالثًا: الإجراءات المتبعة في موسم الرياض

تعمل الجهات المنظمة لموسم الرياض بالتعاون مع النيابة العامة ووزارة الداخلية على تنفيذ إجراءات وقائية صارمة ضد أي سلوك مخالف للنظام، من خلال:

  • تواجد مكثف للعناصر الأمنية داخل مواقع الفعاليات لضمان سرعة التعامل مع البلاغات.

  • تفعيل البلاغات الإلكترونية عبر تطبيقات مثل “كلنا أمن”، التي تتيح للزوار الإبلاغ الفوري عن أي واقعة تحرش أو مضايقة.

  • التعاون بين النيابة العامة والشرطة وهيئة الترفيه لضمان سير التحقيقات بسرعة واتخاذ الإجراءات القانونية بحق المتورطين.

هذه الإجراءات تأتي تأكيدًا على أن المملكة تتعامل مع قضايا التحرش بصفر تسامح، وأن حماية الزوار أولوية قصوى في جميع الفعاليات العامة.


رابعًا: دور النيابة العامة في تطبيق النظام

تتولى النيابة العامة السعودية التحقيق في جميع بلاغات التحرش وفق الإجراءات النظامية، وتتابع القضايا حتى صدور الأحكام النهائية.
وقد أكدت النيابة في بيانات رسمية أن التحرش جريمة جسيمة تستوجب التوقيف الفوري، وأنها لن تتهاون في ملاحقة كل من يسيء للذوق العام أو يعتدي على خصوصية الآخرين أثناء الفعاليات أو خارجها.


خامسًا: التوعية والوقاية

لا تقتصر الجهود على الردع والعقوبة فحسب، بل تشمل أيضًا التوعية المجتمعية من خلال حملات توجيهية في مواقع الفعاليات ووسائل الإعلام، تذكّر الزوار بواجباتهم وسلوكهم في الأماكن العامة.
كما يتم تدريب كوادر الأمن والمنظمين على التعامل بحرفية مع هذه الحالات، بما يضمن حماية الضحية والحفاظ على سرية المعلومات.


خلاصة

يؤكد نظام مكافحة التحرش أن المملكة العربية السعودية تتبنى سياسة صارمة تجاه أي انتهاك يمس كرامة الإنسان، خصوصًا في الفعاليات الكبرى مثل موسم الرياض.
وبفضل الجهود المتكاملة من النيابة العامة، وزارة الداخلية، والهيئة العامة للترفيه، أصبح الزائر اليوم يتمتع ببيئة ترفيهية آمنة تُحترم فيها الحقوق وتُصان فيها القيم.